الزبير أسألك فيم هجر رسول الله (ص) نساءه؟ فقال جابر: تركنا رسول الله يوما وليلة لم يخرج إلى الصلاة فأخذنا ما تقدم وما تأخر، فاجتمعنا ببابه نتكلم ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف فلم يأذن لنا ولم يخرج إلينا. قال: فقلنا: قد علم رسول الله مكانكم ولو أراد أن يأذن لكم لأذن، فتفرقوا لا تؤذوه. فتفرق الناس غير عمر بن الخطاب يتنحنح ويتكلم ويستأذن حتى أذن له رسول الله، قال عمر: فدخلت عليه وهو واضع يده على خده أعرف به الكآبة، فقلت: أي نبي الله بأبي أنت وأمي ما الذي رابك؟ وما لقي الناس بعدك من فقدهم لرؤيتك؟
فقال: يا عمر يسألنني أولاء ما ليس عندي، يعني نساءه، فذاك الذي بلغ مني ما ترى. فقلت: يا نبي الله قد صككت (1) جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها بالأرض لأنها سألتني ما لا أقدر عليه، وأنت يا رسول الله على موعد من ربك وهو جاعل بعد العسر يسرا.
قال: فلم أزل أكلمه حتى رأيت رسول الله قد تحلل عنه بعض ذلك. قال:
فخرجت فلقيت أبا بكر الصديق فحدثته الحديث فدخل أبو بكر على عائشة فقال: قد علمت أن رسول الله لا يدخر عنكن شيئا فلا تسألنه ما لا يجد، انظري حاجتك فاطلبيها إلي. وانطلق عمر إلى حفصة فذكر لها مثل ذلك، ثم اتبعا أمهات المؤمنين فجعلا يذكران لهن مثل ذلك حتى دخلا على أم سلمة فذكرا لها مثل ذلك، فقالت لها أم سلمة: ما لكما ولما هاهنا رسول الله (ص)، أعلى بأمرنا عينا ولو أراد أن ينهانا لنهانا، فمن نسأل إذا لم نسأل رسول الله؟ هل يدخل بينكما وبين أهليكما أحد؟ فان نكلفكما هذا. فخرجا من عندها، فقال أزواج النبي (ص) لأم سلمة:
جزاك الله خيرا حين فعلت ما فعلت، ما قدرنا أن نرد عليهما شيئا. ثم قال جابر لأبي سعيد: ألم يكن الحديث هكذا؟ قال: بلى وقد بقيت منه بقية. قال جابر: فأنا