الصحيحين (1):
فقام سعد أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك فإن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك... فقام سعد بن عبادة... فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله.... فقام أسيد ابن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين... الحديث.
ففي رواية الصحيحين نسب إلى سعد بن معاذ الاقتراح بقتل القاذفين وإلى ابن عمه أسيد بن حضير مهاجمة سعد بن عبادة دفاعا عن سعد بن معاذ مع التصريح باسمه أسيد ونسبته من سعد. ويؤيد ما نرى من أن رواة الصحاح لم يوهموا ولم يخطئوا في ذكر الاسم، وأنهم كانوا قد لحظوا التنافي بين موت سعد بن معاذ قبل غزوة بني المصطلق وحضوره في ذلك الموقف، انهم لم يصرحوا باسم الغزوة في صدر هذا الحديث الذي ذكر فيه اسم سعد بن معاذ وإنما قالوا في غزوة غزاها بينما في سيرة ابن هشام لما لم يرد اسم سعد بن معاذ في روايتهم صرح باسم الغزوة وقالوا: (فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه...) الحديث.
ولعل الزهري قبل كل هؤلاء قد لاحظ بعض التباين والتنافي في أحاديث الإفك المروية عن أم المؤمنين حين لم يأت بها على وجهها، بل أدمج بعضها في بعض ثم قال (2): إن بعض القوم كان أدعى لحديثها من بعض. وفي هذا القول إشارة واضحة باختلاف الأحاديث التي أدمج بعضها ببعض، ولولا هذا التصرف منه لاستطعنا اليوم مقارنة تلك الأحاديث وتفهم الواقع التاريخي أكثر من هذا.