يرده عليك، فقال: اعتراضي عليه في ما يقضي أشد علي من ذهاب ولدي (1).
وحكى أبو حامد الغزالي عن ابن الكريني أنه قال: نزلت في محلة فعرفت فيها بالصلاح فنشب في قلبي فدخلت الحمام وعينت على ثياب فاخرة فسرقتها ولبستها ثم لبست مرقعتي وخرجت فجعلت أمشي قليلا قليلا فلحقوني فنزعوا مرقعتي وأخذوا الثياب وصفعوني فصرت بعد ذلك أعرف بلص الحمام فسكنت نفسي.
قال أبو حامد: فهكذا كانوا يروضون أنفسهم حتى يخلصهم الله من النظر إلى الخلق ثم من النظر إلى النفس. وأرباب الأحوال ربما عالجوا أنفسهم بما لا يفتي به الفقيه مهما رأوا صلاح قلوبهم ثم يتداركون ما فرط منهم من صورة التقصير، كما فعل هذا في الحمام.
قلت: سبحان من أخرج أبا حامد من دائرة الفقه بتصنيفه كتاب الاحياء، فليته لم يحك فيه مثل هذا الذي لا يحل. والعجب منه أنه يحكيه ويستحسنه ويسمي أصحابه أرباب أحوال، وأي حالة أقبح وأشد من حال من يخالف الشرع ويرى المصلحة في النهي عنه؟ وكيف يجوز أن يطلب صلاح القلوب بفعل المعاصي..؟ وكيف يحل للمسلم أن يعرض نفسه لأن يقال عنه سارق؟ وهل يجوز أن يقصد وهن دينه ومحو ذلك عند شهداء الله في الأرض؟ ولو أن رجلا وقف مع امرأته في طريق يكلمها ويلصمها ليقول عنه من لا يعلم هذا فاسق لكان عاصيا بذلك. ثم كيف يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه؟ ثم في نص مذهب أحمد والشافعي أن من سرق من الحمام ثيابا عليها حافظ وجب قطع يده. ثم من أرباب الأحوال حتى يعملوا بواقعاتهم؟ كلا والله إن لنا شريعة لو رام أبو بكر الصديق أن يخرج عنها إلى العمل برأيه لم يقبل منه. فعجبي من هذا الفقيه المستلب