فعزمت عليها ان لا اشرب الماء سنة ولا أذوق النوم سنة فوفت لي بذلك (1).
وقد حكى أبو حامد الغزالي في كتاب الاحياء قال: كان بعض الشيوخ في بداية إرادته يكسل عن القيام، فألزم نفسه القيام على رأسه طول الليل لتسمح نفسه بالقيام عن طوع، قال: وعالج بعضهم حب المال بأن باع جميع ماله ورماه في البحر.
وعلق ابن الجوزي على هذا بقوله: أعجب من جميع هؤلاء عندي أبو حامد، كيف حكى هذه الأشياء ولا ينكرها؟ وكيف ينكرها وقد أتى بها في معرض التعليم وقال قبل أن يورد هذه الحكايات: ينبغي للشيخ أن ينظر إلى حالة المبتدئ فان رأى معه مالا فاضلا عن قدر حاجته أخذه وصرفه في الخير وفرغ قلبه منه حتى لا يلتفت إليه، وان رأى الكبرياء قد غلب عليه أمره أن يخرج إلى السوق للكد ويكلفه السؤال والمواظبة على ذلك، وان رأى الغالب عليه البطالة استخدمه في بيت الماء وتنظيفه وكنس المواضع القذرة وملازمة المطبخ ومواضع الدخان، وان رأى شره الطعام غالبا عليه ألزمه الصوم، وان رآه عزبا ولم تنكسر شهوته بالصوم أمره أن يفطر ليلة على الماء دون الخبز وليلة على الخبز دون الماء ويمنعه اللحم رأسا؟
قلت: وأني لأتعجب من أبي حامد كيف يأمر بهذه الأشياء التي تخالف الشريعة؟ وكيف مجل القيام على الرأس طول الليل فينعكس الدم إلى وجهه ويورثه ذلك مرضا شديدا؟ وكيف يحل رمي المال في البحر؟ وقد نهى رسول الله (ص) عن إضاعة المال. وهل يحل سب مسلم بلا سبب؟ وهل يجوز للمسلم أن يستأجر على ذلك؟ وكيف يجوز ركوب البحر زمان اضطرابه وذلك زمان قد سقط فيه الخطاب بأداء الحج؟ وكيف يحل السؤال لمن يقدر أن يكتسب؟