إلى حي بني سعد، فلما بلغت إلى الحي استقبلته نساء الحي فكشفن عن وجه رسول الله (ص) فأبرق من وجناته نور إلى عنان السماء فأحبه كل أهل الحي، وكان لرسول الله (ص) أخوة من الرضاعة يخرجون بالنهار إلى الرعاية، فرجعوا ذات ليلة إلى الحي مغمومين وقالوا لحليمة: جاءنا اليوم ذئب وأخذ شاتين وذهب بهما فقالت حليمة:
لا تغتموا فإن الله يعوضنا عنهما أضعافا مضاعفة فسمع النبي (ص) فقال: إني أسترجعهما غدا من الذئب بقدرة الله تعالى.
فلما أصبح أخوته حملوه معهم إلى ذلك المكان الذي أخذ فيه الذئب الشاتين فنزل النبي (ص) ودعى الله تعالى فأوحى الله تعالى إلى الذئب أن يردهما كما كانتا، وكان الذئب قد وكل بهما راعيا إلى الصباح فردهما، وقال يا محمد أعذرني فأني لا أعلم أنهما لك هذا اعتذار هذا الذئب إلى رسول الله (ص) في شاتين قد أخذهما وردهما إليه كما كانتا، ولم يصبهما شئ.
ليت شعري فما اعتذار ذئاب أهل العراق إذا سألهم رسول الله (ص) عن وديعته وفلذة كبده الحسين (ع) وهم مفترقون عليه بأربع فرق فرقة بالسيوف وفرقة بالرماح وفرقة بالحجارة، وفرقة بالخشب والعصا، وكان الله قد أباح لهم دمه وحلل لهم قتله وهو ينادي في تلك الحالة أقتل مظلوما وجدي محمد المصطفى أأموت ظمآنا وأبي علي المرتضى ولم أنس وقوف ذئب آخر بين يدي يعقوب وقد أتهمه أخوة يوسف في يوسف ويعقوب يعاتبه وهو يبكي فسأله يعقوب ربه إن ينطق له ذلك الذئب ليطلع على ما في قلبه فأنطقه الله وقال: يا يعقوب والله إني لم أر ولدك يوسف ولو كنت رأيته لكنت له حافظا لان الله حرم علينا معشر السباع لحوم الأنبياء ولحوم أولادهم فوا عجباه الذئاب تأبى أن تتناول لحوم الأنبياء وذئاب أهل الكوفة قطعوا أعضاء الحسين (ع) ابن بنت نبيهم كما قال (ع) في خطبته عند خروجه من مكة كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فمنهم من أخذ رأسه، ومنهم من قطع أصبعه وأعظم من ذلك كله فعل الجمال آه آه يا زهراء:
قومي إلى الصقر لم يظفر بسرب قطا * بل عدن من دمه حمر المناقير وأن لحم رسول الله تمضغه * لهى الرماح وأفواه المباتير أقول لا ينبغي إن نسميهم بالذئاب بل هم الخنازير والكلاب رأى الحسين (ع) في منامه هكذا، وذلك لما صعد على عقبة البطن، قال لأصحابه: ما أراني إلا مقتولا قالوا: