فمص من ضرعها فجعله في قدح ثم وضعه في يد الحسن (ع) فجعل الحسين (ع) يثب عليه ورسول الله (ص) يمنعه فقالت فاطمة (ع): أبتاه كان الحسن أحبهما إليك؟ قال: ما هو بأحبهما إلي ولكنه استسقى أول مرة، وأني وإياك وهاذين وهذا المنجدل يوم القيامة في مكان واحد، وهذا يوم شرب الحسن اللبن في قدح من يد جده، ويوم آخر شرب لبنا في قدح من يد جعدة بنت الأشعث (لع) فخرج كبده من ذلك قطعا قطعا، وكان (ع) يشبه رسول الله (ص) في الخلق والخلق ولذا قال (ص): يا حسن أنت أشبهت خلقي وخلقي وأما المشهور إنه أشبه رسول الله (ص) من صدره إلى رأسه وأشبه أمير المؤمنين أباه من القرن إلى القدم فهو من حيث المجموع أشبه بأبيه من جده والحسين بالعكس، ولذا كانت فاطمة ترقص الحسن وتقول:
أشبه أباك يا حسن * وأخلع عن الحق الرسن وأعبد إلها ذا منن * ولا توال ذا الإحن وترقص الحسين وتقول:
أنت شبيه بأبي * لست شبيها بعلي وذكر المؤرخون في شمائله إن الحسن بن علي كان أبيضا مشربا بحمرة دعج العينين سهل الخدين، رقيق المشربة، كث اللحية ذا وفرة، وكأن عنقه إبريق فضة عظيم الكراديس بعيدا ما بين المنكبين، ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير، مليحا من أحسن الناس وجها، وكان يخضب بالسواد، وكان جعد الشعر حسن البدن:
من صنو ماء الرحى وهي مجاجة * من حوضه الينبوع وهو شفاء من شعلة القيس التي عرضت على * موسى وقد حارت به الظلماء من أيكة الفردوس حيث تفتت * ثمراتها وتفيأ الأفياء قال واصل بن عطاء: كان للحسن بن علي (ع) سيماء الأنبياء وبهاء الملوك ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله (ص) مثل ما بلغ الحسن كان يبسط على باب داره فإذا خرج وجلس على البساط انقطع الطريق فما مر أحد من خلق الله اجلالا له، فإذا قام ودخل بيته مر الناس واجتازوا. لقد رأيته في طريق مكة ماشيا، فما من خلق الله أحد رآه إلا نزل ومشى حتى رأيت سعد بن أبي الوقاص يمشي خلفه ويقول.