الصالح ويقول: والله اني كنت كارها لك وعنك هاربا، واكسل في الاشتغال بك فالآن بقيت وحيدا فريدا فلا مال يعينني ولا ولد يدافعون عني فماذا أنت تصنع بي؟
فيقول: انا معك ولا أفارقك في أي مكان تنزل، فانا امامك وقرينك وأنيسك فيفرح بذلك، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اخلاء ابن آدم ثلاثة: واحد يتبعه إلى قبض روحه، والثاني يتبعه إلى قبره، والثالث يتبعه إلى حشره، فالذي يتبعه إلى قبض روحه، فماله، والذي يتبعه إلى قبره فأهله، والذي يتبعه إلى حشره فعمله.
وقيل لما وضع العبد الصالح في القبر تحتوشه أعماله الصالحة مثل: الصلاة والصيام والحج والصدقة، فإذا جاءت ملائكة العذاب من قبل رجليه فتقول الصلاة: إليكم عنه فلا سبيل لكم عليه فقد طالب بي القيام لله تعالى عليها. فيأتونه من قبل رأسه فيقول لا سبيل لكم عليه فقد طال ما أظمأه الله في دار الدنيا إليكم عنه، فيأتونه من قبل جسده فيقول الحج: إليكم عنه اتعب بدنه ونفسه وحج لله فلا سبيل لكم عليه، فيأتونه من قبل بدنه فتقول الصدقة كفوا عنه وخلوا عن صاحبي فلكم من صدقة خرجت من هاتين اليدين حتى وقعت في يد الله ابتغاء وجهه فلا سبيل لكم عليه فقال له: طبت هنيئا طبت حيا وميتا فيأتيه ملائكة الرحمة فتفرش له فراشا من الجنة ودثارا من الجنة ويفتح له قبره بقدر مد بصره ويؤتى بقنديل من الجنة يستضئ بنوره إلى يوم القيامة.
وفي خبر لما وضع المؤمن في حفرته يأتيه آت حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول له: ابشر برحمة من ربك وجنات فيها نعيم مقيم. فيقول: وأنت بشرك الله بخير وبالجنة من أنت؟ فيقول انا عملك الصالح والله ما علمتك إلا سريعا في طاعة الله، وبطيئا عن معصية الله فجزاك الله خيرا ثم ينادي المنادي ان افرشوا له فراش الجنة، وافتحوا له بابا من الجنة. فيفرش له فراش من الجنة، ويفتح له باب من الجنة ويقول: اللهم عجل قيام الساعة حتى أرى ما أعد لي من الكرامات. والكافر بعكس ذلك كما قال الله تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) فهنيئا لمن عمل في أيام حياته لأيام حاجته ويوم فقره ويوم وحشته وهو يؤانسه ويصاحبه إلى أن يخرج من قبره وهو أمامه ينجيه من الهلكات والعقبات، فوا أسفاه على الأنفس التي لم يكن لها شئ من الأعمال الصالحة فيدفن في القبر وحيدا، ويخرج من قبره وحيدا ويحشر إلى القيامة ووجهه مسود ويده خالية ينظر تارة عن يمينه، وأخرى عن يساره