إلى الواقع... ونحن نكتفي بمثالين من هذا القبيل...
لقد عارض الدهلوي حديث: " إني تارك فيكم الثقلين... " بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضل عبد الله بن مسعود: " رضيت لكم ما رضي به ابن أم عبد ".
فمن نظر في هذا الحديث رآه مفيدا لرضى النبي " ص " بما رضي به ابن مسعود على الإطلاق... وبذلك ربما يمكن مقابلة حديث الثقلين به...
ولكن السيد رحمه الله رجع إلى متن الحديث فوجده مقرونا بما يخرجه عن الإطلاق ويسقطه عن الصلاحية للمعارضة المذكورة.
فالحديث في مستدرك الحاكم بإسناده عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال: قال النبي " ص " لعبد الله بن مسعود: " اقرأ. قال: اقرأ وعليك أنزل؟ قال:
إني أحب أن أسمع من غيري. قال: فافتتح سورة النساء حتى بلغ: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) فاستعبر رسول الله " ص " وكف عبد الله. فقال له رسول الله " ص ": تكلم، فحمد الله في أول كلامه وأثنى على الله، وصلى على النبي " ص "، وشهد شهادة الحق وقال:
رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله.
فقال رسول الله " ص ": رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد ".
ومن وجوه الجواب عن حديث أبي بردة: " صلينا المغرب مع رسول الله " ص " ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء. قال: فجلسنا، فخرج علينا فقال: ما زلتم ههنا؟ قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال: أحسنتم - أو: أصبتم - قال: فرفع رأسه إلى السماء - وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء - فقال:
النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ".