وأما البصرة فقد ورد إليها الإمام عليه السلام بنفسه وتلك خطبه ومواعظه فيها مدونة في كتب التاريخ.
وأيضا فقد أخذ أهل البصرة وتفقهوا على ابن عباس حيث كان واليا على البصرة من قبل الإمام، وهو من أشهر تلاميذه وملازميه بلا كلام.. قال الحافظ ابن حجر في (الإصابة): " إن ابن عباس كان يعشى الناس في رمضان وهو أمير البصرة، فما ينقضي الشهر حتى يفقههم ".
وأما الكوفة فقد تعلم أهلها القرآن والسنة منه عليه السلام مباشرة مدة بقائه بها.. ولو كانوا قد تعلموا شيئا من ذلك قبل وروده إليها فمن عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وهما من تلامذته عليه الصلاة والسلام.
وأما اليمن فقد روى الكل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بعثه إلى اليمن قاضيا - والقضاء هو الفقه، فهو أفقه الأمة لقوله " ص " فيما رواه الفريقان:
أقضاكم علي -... فهو الذي فقه أهل اليمن وعلمهم، وقد قال " ص " حين بعثه " اللهم اهد قلبه وثبت لسانه ".. فهذا بعث علي عليه السلام إلى اليمن، وهذا شأنه في العلم والفقه.. فانتشر العلم في تلك البلاد عنه عليه السلام.
وأما معاذ فقد بعثه النبي صلى الله عليه وآله إلى طائفة من اليمن " ليجبره " بعد أن " أغلق ماله من الدين.. فباع النبي " ص " ماله كله في دينه حتى قام معاذ بغير شئ ".. رواه الحافظ ابن عبد البر في (الاستيعاب). وهذا بعث معاذ إلى طائفة من اليمن. وأما شأنه في العلم والفقه فلا يقاس بالامام عليه السلام - كما لا يقاس به غيره - بل في نفس خبر بعثه إلى اليمن ما يدل على فسقه أو جهله بأدنى الأحكام الشرعية.. فراجع الاستيعاب وغيره.
وبهذا عرفت أنه قد انتشر علم الإسلام في جميع المدائن عن علي عليه السلام.