بالمدينة " قل لا أسألكم عليه أجرا " إلى قوله " لهم عذاب شديد " (1) وعلى التقادير الآيات المذكورة (2) مكية، والاستشهاد بالآية لان الدين المشترك بين جميع الأنبياء هي الأصول الدينية التي لا تختلف باختلاف الشرائع، مع أن قوله سبحانه " كبر على المشركين ما تدعوهم إليه " يشعر بأن الدين في ذلك الوقت كانت التوحيد ونفي الشرك مع الاقرار بالنبوة لقوله تعالى " الله يجتبي ".
قال الطبرسي رحمه الله: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا " أي بين لكم ونهج وأوضح من الدين والتوحيد والبراءة من الشرك ما وصى به نوحا " والذي أوحينا إليك " أي وهو الذي أوحينا إليك يا محمد " و " هو " ما وصينا به إبراهيم و موسى وعيسى " ثم بين ذلك بقوله: " أن أقيموا الدين " وإقامة الدين التمسك به والعمل بموجبه، والدوام عليه، والدعاء إليه " ولا تتفرقوا " أي لا تختلفوا " فيه " وائتلفوا فيه واتفقوا وكونوا عباد الله إخوانا " كبر على المشركين ما تدعوهم إليه " من توحيد الله والاخلاص له، ورفض الأوثان، وترك دين الاباء لأنهم قالوا: " أجعل الألهة إلها واحدا " وقيل: معناه ثقل عليهم وعظم اختيارنا لك بما تدعوهم إليه، و تخصيصك بالوحي والنبوة دونهم " الله يجتبي إليه من يشاء " أي ليس لهم الاختيار لان الله يصطفي لرسالته من يشاء على حسب ما يعلم من قيامه بأعباء الرسالة، وقيل:
معناه: الله يصطفي من عباده لدينه من يشاء " ويهدي إليه من ينيب " أي ويرشد إلى دينه من يقبل إلى طاعته، أو يهدي إلى جنته وثوابه من يرجع إليه بالنية والاخلاص (3).
قوله عليه السلام: " فمن آمن مخلصا " أي بقلبه ولسانه، دون لسانه فقط، ولم يخلطه بشرك " وذلك أن الله " كأنه إشارة إلى إدخاله الجنة بمجرد الشهادة و الاقرار، وإن لم يعمل من الطاعات شيئا ولم يترك سائر المحرمات، لأنه كان