على اللف والنشر، فعلى الأول اطلق على أعمال الدين وأحكامه الشرعة، لايصالها العامل بها إلى الحياة الأبدية والتطهر من الأدناس الردية، والمنهاج لأنها كالطريق الواضح الموصل إلى المقصود من الجنة الباقية، والدرجات العالية، وعلى الثاني المراد بالأول الواجبات، وبالثاني المستحبات ولذا عبر عليه السلام عن الثاني بالسنة أو بالأول العبادات، وبالثاني سائر الأحكام، والوجه الأول أوفق بقوله " وكان من السبيل والسنة " وإن أمكن أن يكون المراد من مجموعهما وإن كان من أحدهما.
قال الطبرسي رحمه الله: الشرعة والشريعة واحدة، وهي الطريقة الظاهرة والشريعة هي الطريقة التي يوصل منه إلى الماء الذي فيه الحياة، فقيل الشريعة في الدين للطريق الذي يوصل منه إلى الحياة في النعيم، وهي الأمور التي يعبد الله بها من جهة السمع، والأصل فيه الظهور، والمنهاج الطريق المستمر، يقال: طريق نهج ومنهج أي بين، وقال المبرد: الشرعة ابتداء الطريق، والمنهاج الطريق المستقيم، قال: وهذه الألفاظ إذا تكررت فلزيادة فائدة فيه، وقد جاء أيضا لمعنى واحد كقول الشاعر أقوى وأقفر (1) وهما بمعنى انتهى (2).
قوله " أن جعل عليهم السبت " قال الراغب: أصل السبت قطع العمل، ومنه سبت السير أي قطعه، وسبت شعره حلقه، وقيل: سمي يوم السبت لان الله تعالى ابتدأ بخلق السماوات والأرض يوم الأحد فخلقها في ستة أيام كما ذكره، فقطع عملة يوم السبت، فسمي بذلك، وسبت فلان صار في السبت، وقوله عز وجل:
" يوم سبتهم " قيل: يوم قطعهم للعمل " ويوم لا يسبتون " قيل: معناه لا يقطعون العمل وقيل: يوم لا يكونون في السبت، وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة، وقوله: " إنما جعل السبت " أي ترك العمل فيه انتهى (3).