ما نهي عنه خاصة، وعلى هذا قوله " عند ربك مكروها " بدل من سيئة أو صفة لها محمولة على المعنى.
" ذلك " إشارة إلى الاحكام المتقدمة " مما أوحى إليك ربك من الحكمة " التي هي معرفة الحق لذاته والخير للعمل به " ولا تجعل مع الله إلها آخر " كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الامر ومنتهاه، ورأس الحكمة وملاكها " ملوما " تلوم نفسك " مدحورا " مطرودا مبعدا من رحمة الله.
وأقول: هذا شروع في ذكر الآيات التي نزلت بمكة مشتملة على الوعيد بالنار والتهديد في الشرك ونحوه، بخلاف ما ورد في غيره مما مضى، فان كونه " خطأ كبيرا " و " فاحشة " و " مسؤولا " و " مسؤولا عنه " و " مكروها " ليس في شئ منها تصريح بالعذاب والنكال الأخروي، ولا يحتاج إلى ما يتكلف بأن " كان خطأ " و " كان فاحشة " و " كان مسؤولا " و " كان عنه مسؤولا " و " كان سيئة عند ربك مكروها " محمولة على أنها كانت في أواخر الأمم السابقة كذلك، وستصير في هذه الأمة أيضا بعد ذلك كذلك فإنه في غاية البعد، وزيادة " كان " في هذه المقامات كثيرة في الذكر الحميد، كقوله " وكان ربك قديرا " و " كان غفورا رحيما " بل الوجه ما ذكرنا فتفطن.
" نارا تلظى " أي تتلهب " لا يصليها " أي لا يلزمها مقاسيا شدتها " إلا الأشقى " قيل: أي إلا الكافر، فان الفاسق وإن دخلها لم يلزمها، ولكن سماه " أشقى " ووصفه بقوله " الذي كذب وتولى " أي كذب بالحق وأعرض عن الطاعة كذا ذكره البيضاوي (1) وقال في قوله تعالى بعد ذلك " وسيجنبها الأتقى ":
أي الذي اتقى الشرك والمعاصي فإنه لا يدخلها فضلا أن يدخلها ويصلاها، ومفهوم ذلك أن من اتقى الشرك دون المعصية لا يجنبها ولا يلزم ذلك صليها فلا يخالف الحصر السابق انتهى.
وقال الطبرسي رحمه الله " لا يصليها " أي لا يدخل تلك النار ولا يلزمها " إلا