وحملته واحتملته، بمعنى، وحملته بالتشديد فاحتمله، والامتحان الاختبار وامتحن الله قلبه أي شرحه ووسعه.
قال ابن أبي الحديد قال الله تعالى: " أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى " (1) يقال: امتحن فلان لأمر كذا، أي جرب للنهوض به، فهو قوي على احتمال مشاقه ويجوز أن يكون بمعنى المعرفة لان تحقيقك الشئ إنما يكون باختباره فوضع موضعها فيتعلق اللام بمحذوف، أي كائنة له، وهي اللام التي في قولك " أنت لهذا الامر " أي مختص به ويكون مع معمولها منصوبة على الحال، ويجوز أن يكون المعنى ضرب الله قلوبهم بأنواع المحن لأجل التقوى أي ليثبت ويظهر تقواها ويعلم أنهم متقون، لان التقوى لا يعلم إلا عند الصبر على المحن والشدائد أو أخلص قلوبهم للتقوى أي أذابه وصفاه. ووعيت الحديث أي حفظته وفهمته والغرض حفظ الحديث عن الإذاعة، وضبط الاسرار عن إفضائها إلى غير أهلها أو الاذعان الكامل به، وعدم التزلزل عند العجز عن المعرفة التفصيلية به، فيكون كالتفسير لما قبله، والحلم بالكسر الأناة والعقل، والرزانة: الوقار.
وحاصل الكلام أن شأنهم وما هم عليه من الكمال، والقدرة على خوارق العادات صعب لا يحصل لغيرهم، مستصعب الفهم على الخلق، أو فهم علومهم وإدراك أسرارهم مشكل يستصعبه أكثر الخلق، فلا يقبله حق القبول بحيث لا يخرج إلى طرف الافراط بالغلو أو التفريط بعدم التصديق، أو القول بعدم الحق لسوء الفهم إلا قلب عبد شرحه الله وصفاه للايمان، فيحمل كلما يأتون به على وجهه، إذا وجد له محملا، ويصدق إجمالا بكل ما عجز عن معرفته تفصيلا ويرد علمه إليهم عليهم السلام.
والمراد بطرق السماء الطرق التي يصعد منها الملائكة ويرفع فيها أعمال العباد، أو منازل سكان السماوات ومراتبهم، أو الأمور المستقبلة وما خفي على الناس مما لا يعلم إلا بتعليم رباني فان مجاري نزولها في السماء، أو أحكام الدين وقواعد الشريعة