سببه مجازا أي الحكم في الحال قبل الهجرة أنه لا يدخلها إلا المشرك وفي قوله:
" سيجنبها " للاستقبال القريب إخبارا عن التكاليف المدنية، بعد دخول الأعمال في الايمان، فلا تنافي بينهما، وتكون الآيات جمع دالة على الحكمين صريحا.
الثاني أن يقال إن الآيات التالية نزلت بالمدينة كما روى في تفسير علي بن إبراهيم إنها نزلت في أبي الدحداح بالمدينة لكن ظاهر الرواية أن الآيات الأول أيضا نزلت بالمدينة، الثالث أن يقال إن الآيات الأخيرة وإن كانت دالة على عدم تجنب الفساق النار، لكنها دلالة ضعيفة بالمفهوم، فما يدل صريحا على دخول النار إنما هو في الكفار، وما يدل على حكم الفجار فليس فيه وعيد صريح، و تهديد عظيم، بل يدل دلالة ضعيفة على عدم الحكم بأنهم لا يدخلونها، لا سيما مع الحصر المتقدم، ولعل السر في هذا الاجمال عدم اجترائهم على المعاصي.
" وأما من أوتي كتابه وراء ظهره " (1) أي يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره قيل: يغل يمناه إلى عنقه ويجعل يسراه وراء ظهره " فسوف يدعوا ثبورا " أي يتمنى الثبور، ويقول: وا ثبوراه، وهو الهلاك " ويصلى سعيرا " أي نارا مسعرة " إنه كان في أهله " أي في الدنيا " مسرورا " بطرا بالمال والجاه فارغا عن ذكر الآخرة " إنه ظن أن لن يحور " أي لن يرجع بعد أن يموت " بلى " يرجع " إن ربه كان به بصيرا " أي عالما بأعماله، فلا يهمله بل يرجعه ويجازيه، " فهذا مشرك " لأنه أنكر البعث وإنكاره كفر، أو كان لا ينكره حينئذ إلا المشركون.
" كلما القي فيها فوج " (2) أي جماعة من الكفرة " سألهم خزنتها " أي خزنة جهنم " ألم يأتكم نذير " يخوفكم هذا العذاب؟ وهو توبيخ وتبكيت " قالوا بلى قد جائنا نذير فكذبنا " أي الرسل وأفرطنا في التكذيب حتى نفينا الانزال رأسا وبالغنا في نسبتهم إلى الضلال، حيث قالوا بعد ذلك " إن أنتم إلا في ضلال كبير " فهؤلاء مشركون لتكذيبهم بكتب الله ورسله.