يكون الاستثناء منقطعا، وعلى التقديرين يكون المراد بقوله " وهو إيمان التصديق " أنه الايمان بمعنى التصديق فقط، ولا يدخل فيه الأعمال لا شرطا ولا شطرا، وإن كانت سببا لكماله، بخلاف الايمان بعد الهجرة، فان الأعمال قد دخلت فيه على أحد الوجهين، وذلك لأنهم لم يكلفوا بعد إلا بالشهادتين فحسب، وإنما نهوا عن أشياء نهي أدب وعظة وتخفيف، ثم نسخ ذلك بالتغليظ في الكبائر، والتواعد عليها، ولم يكن التغليظ والتواعد يومئذ إلا في الشرك خاصة، فلما جاء التغليظ والايعاد بالنار في الكبائر ثبت الكفر والعذاب بالمخالفة فيها.
" وتصديق ذلك " أي دليل ما ذكرنا من التفاوت في التكاليف، ومعنى الايمان قبل الهجرة وبعدها، وقال الفاضل الاسترآبادي: بيان لأول الواجبات على المكلفين، وأن تكاليف الله تعالى ينزل على التدريج، وفي كتاب الأطعمة من تهذيب الأحكام أحاديث صريحة في التدريج في التكاليف انتهى.
ولنذكر تفسير الآيات التي أسقطت اختصارا إما من الإمام عليه السلام أو من الراوي قال تعالى قبل تلك الآيات: (1) " لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا " ثم قال: " وقضى ربك " قيل أي أمر أمرا مقطوعا به " أن لا تعبدوا إلا إياه " لان غاية التعظيم لا تحق إلا لمن له غاية العظمة ونهاية الانعام، " وبالوالدين إحسانا " أي بأن تحسنوا أو أحسنوا بالوالدين إحسانا لأنهما السبب الظاهر للوجود والتعيش " إما يبلغن " " إما " إن الشرطية، زيدت عليها ما للتأكيد " عندك الكبر " في كنفك وكفالتك " أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف " إن أضجراك " ولا تنهرهما " أي ولا تزجرهما إن ضرباك " وقل لهما قولا كريما " أي حسنا جميلا " واخفض لهما جناح الذل " أي تذلل لهما وتواضع " من الرحمة " أي من فرط رحمتك عليهما " وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " جزاء لرحمتهما علي وتربيتهما وإرشادهما لي في صغري.
" ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا "