وساده فيجتهد ويتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرا منى له وابقائا عليه فينام حتى يصبح فيقوم ماقتا لنفسه وزاريا عليها، ولو اخلى بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب بأعماله فيأتيه ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه حتى يظن أن قد فاق العابدين، وجاز في عبادته حد التقصير، فيتباعد منى عند ذلك، وهو يظن أنه قد تقرب إلى.
ومن طريق آخر رواه صاحب الجواهر بزيادة على هذا الكلام تتمة له: فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها، فإنهم لو اجتهدوا وأتبعوا أنفسهم وأعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين ما يطلبون من كرامتي، والتنعم في جناتي ورفيع درجاتي في جواري، ولكن رحمتي فليبتغوا (فليبغوا) والفضل منى فليرجوا، والى حسن الظن بي فليطمئنوا، فان رحمتي عند ذلك تداركهم وهي تبلغهم رضواني ومغفرتي، وألبسهم عفوي، فانى انا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت (1).
وعن الباقر عليه السلام قال: قال الله سبحانه: ان من عبادي المؤمنين لمن يسئلني الشئ من طاعتي فأصرفه عنه مخافة الاعجاب.
وقال المسيح: عليه السلام يا معشر الحواريين كم من سراج أطفأته الريح، وكم من عابد أفسدته العجب.
واعلم أن حقيقة العجب استعظام العمل الصالح واستكثاره والابتهاج به.
فان قلت فمن صادف في نفسه السرور بالطاعة والابتهاج بها لكنه لا يستعظمها بل يفرح بفعلها، ويحب الزيادة منها، وهذا الامر لا يكاد الانسان ينفك عنه، فان ا لانسان إذا قام ليلة أو صام يوما، لو حصل له مقام شريف ودعاء وعبادة فإنه يسره ذلك لا محالة.
فهل يكون ذلك اعجابا محبطا للعمل وداخلا به في زمرة المعجبين؟.
فالجواب ان العجب إنما هو الابتهاج بالعمل الصالح والادلال له واستعظامه،