نفسه هذه الأسباب وضررها وما يصير إليه مآلها فيقل رغبته عنها، ويقبل إلى الله بقلبه فان العاقل لا يرغب فيما يكثر عليه ضرره، ويكفيه ان الناس لو علموا ما في باطنه من قصد الرياء واظهاره الاخلاص لمقتوه، وسيكشف الله تعالى عن سره حتى يبغضه إليهم ويعرفهم انه مراء ممقوت عند الله، ولو أخلص لله لكشف الله لهم اخلاصه وحببه إليهم وسخرهم له وأطلق ألسنتهم بحمده.
روى أن رجلا من بني إسرائيل قال: لأعبدن الله عبادة أذكر بها فمكث مدة مبالغا في الطاعات، وجعل لا يمر بملاء من الناس الا قالوا: متصنع مراء، فأقبل على نفسه وقال:
قد أتعبت نفسك وضيعت عمرك في لا شئ، فينبغي ان تعمل لله سبحانه، فغير نيته وأخلص عمله لله تعالى (1) فجعل لا يمر بملاء من الناس الا قالوا: ورع تقى. ومثل هذا ا لحديث ما سبق من قوله عليه السلام: عليك ستره وعلى اظهاره.
وقولهم عليهم السلام ان الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق (2). مع أن مدح الناس لا ينفعه وهو مذموم عند الله ومن أهل النار، وذمهم لا يضره وهو محمود عند الله في زمرة المقربين وكيف يضره ذمهم أو كيدهم والنبي صلى الله عليه وآله يقول: من آثر محامد الله على محامد الناس كفاة الله مؤنة الناس.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.
وينبغي ان يذكر شدة حاجته وقوة فاقته يوم القيامة إلى ثواب أعماله فإنه (يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الامن اتى بقلب سليم) (3) (ولا يجزى والد عن