فقيل لأمير المؤمنين (ع) انه قد رجع فقال دعوه فان الشيخ محمول عليه ثم قال: أيها الناس غضوا أبصاركم وعضوا نواجذكم وأكثروا من ذكر ربكم وإياكم وكثرة الكلام فإنه فشل. ونظرت عائشة إليه وهو يجول بين الصفين فقالت: انظروا إليه كأن فعله فعل رسول الله يوم بدر! اما والله ما ينتظر بك إلا زوال الشمس. فقال علي عليه السلام: يا عائشة عما قليل لتصبحن نادمين. فجد الناس في القتال فنهاهم أمير المؤمنين (ع) وقال: اللهم إني أعذرت وأنذرت فكن لي عليهم من الشاهدين.
ثم أخذ المصحف وطلب من يقرأ عليهم " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما - الآية - " فقال مسلم المجاشعي ها أنا ذا "، فخوفه بقطع يمينه وشماله وقتله، فقال لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله، فأخذه ودعاهم إلى الله فقطعت يده اليمنى فأخذه بيده اليسرى فقطعت فأخذه بأسنانه فقتل. فقالت أمه:
يا رب ان مسلما اتاهم * بمحكم التنزيل إذ دعاهم يتلو كتاب الله لا يخشاهم * فزملوه زملت لحاهم فقال عليه السلام: الآن طاب الضراب. وقال لمحمد بن الحنفية والراية في يده:
يا بني تزول الجبال ولا تزل عض ناجذك أعر الله جمجمتك تدقي الأرض قدميك ارم ببصرك أقصى القوم وغض بصرك واعلم أن النصر من الله. ثم صبر سويعة فصاح الناس من كل جانب من وقع النبال فقال عليه السلام تقدم يا بني فتقدم وطعن طعنا منكرا. وقال عليه السلام:
إطعن بها طعن أبيك تحمد، * لا خير في حرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المسدد * والضرب بالخطي والمهند فأمر الأشتر أن يحمل فحمل وقتل هلال بن وكيع صاحب ميمنة الجمل وكان زيد يرتجز ويقول: ديني ديني * وبيعي بيعي وجعل مخنف بن مسلم يقول:
قد عشت يا نفس وقد غنيت * دهرا وقبل اليوم ما عييت وبعد ذا لا شك قد فنيت * اما مللت طول ما حييت فخرج عبد الله بن اليثربي قائلا:
يا رب اني طالب أبا الحسن * ذاك الذي يعرف حقا بالفتن فبرز إليه علي عليه السلام قائلا: