والدم استظهارا في الحجة وإقامة لها على كل وجه وهو أنه لا ينكر أن يكون القلب يشتمل عليه جسمان على شكل الأصبعين يحركه الله تعالى بهما ويقلبه بالفعل فيهما ويكون وجه تسميتهما بالأصابع من حيث كانا على شكلهما والوجه في اضافتهما إلى الله تعالى وإن كانت جميع أفعاله تضاف إليه بمعنى الملك والقدرة لأنه لا يقدر على الفعل فيهما وتحريكهما منفردين عما جاورهما غيره تعالى فقيل انهما أصبعان له من حيث اختص بالفعل فيهما على هذا الوجه لان غيره إنما يقدر على تحريك القلب وما هو مجاور للقلب من الأعضاء بتحريك جملة الجسم ولا يقدر على تحريكه وتصريفه منفردا مما يجاوره غيره تعالى فمن أين للمبطلين المتأولين هذه الأخبار بأهوائهم وضعف آرائهم ان الأصابع ههنا إذا كانت لحما ودما فهي جوارح لله تعالى وما هذا الوجه الذي ذكرناه ببعيد.. وعلى المتأول أن يورد كلما يحتمله الكلام مما لا تدفعه حجة وان ترتب بعضه على بعض في القوة والوضوح ونحن نعود إلى تفسير ما لعله أن يشتبه من الأبيات التي استشهدنا بها.. أما قوله - حدا وجودا وندى وأصبعا - فمعنى الحد المضاء والنفاذ وقول آخر - وأرزنات ليس فيهن أبن - فالأرزنات العصى والأبن العقد.. فأما قول حميد بن ثور - في كل منكب من الناس - فالمنكب الجماعة والمنكب الناحية.. وأما معني أبيات لبيد فإنه أراد من يسق الله إليه خيرا أو يصرف عنه شرا فعل ذلك به وأسبغ له حتى ينتهي منتهاه .. فأما بيت طفيل الغنوي فمعناه ان هذا الفحل الذي وصفه بأنه كميت وانه كركن الباب لتمامه وشدته لما ضرب في الإبل التي وصفها عاشت أولادها التي هي بناته بعد ان كن مقاليت والمقلاة التي لا يعيش لها ولد فكان هذا منه أثرا جميلا عليها.. فأما بيت الراعي فمعنى قوله - ضعيف العصا - يريد انه قليل الضرب لها أما لأنهن لا يحوجنه سدادا وتأودا أو لشفقته عليهن وهذه كناية في نهاية الحسن واختصار شديد لأنه قد يجوز أن يكون ضعيف العصا على الحقيقة من حيث لا يحتاج إلى استعمالها في الضرب فيختارها قوية ويجوز أن يكون حذف وأراد ضعيف فعل العصا.. وقوله - بادي العروق - يعني عروق رجله لفاسدها من السعي في أثر هذا الإبل وأراد - بالأصبع - ان له عليها في جدب الناس أثرا جميلا لحسن قيامه وتعهده.. وقد قيل إنه إنما سمى الراعي لبيت قاله في
(٥)