هذا البيت فيليق قوله على قرن أعفرا بالتأويل المذكور بل وصف أماكن كان فيها مسرورا متنعما ألا ترى إلى قوله قبل هذا البيت بلا فصل ألا رب يوم صالح قد شهدته * بناذق ذات التل من فوق طرطرا فيكون معنى قوله على قرن أعفرا على هذا الوجه انه كان على مكان عال مشرف شبهه لارتفاعه وطوله بقرن الظبي وهذا القول لابن الاعرابي والأول للأصمعي.. فأما قول الآخر ألا قل خير الشأن كيف تغيرا * فأصبح يرمي الناس عن قرن أعفرا فلا يشتمل الا الشدة والحال المذموم ويجوز أن يريد ان الناس فيه غير مطمئنين بل هم منزعجون قلقون كأنهم على قرن ظبي ويحتمل انه يطعنهم بقرن ظبي كقولك رماه بداهية ويكون معنى عن ههنا معنى الباء فقال عن قرن أعفرا وهو يريد بقرن أعفرا وقد ذكر في هذا البيت الوجهان معا فيكون معنى الآية على هذا التأويل ان القلوب لما اتصل وجيبها واضطربت بلغت الحناجر لشدة القلق.. ومنها أن يكون المعنى كادت القلوب من شدة الرعب والخوف تبلغ الحناجر وان لم تبلغ في الحقيقة فألقى ذكر كادت لوضوح الأمر فيها ولفظة كادت ههنا للمقاربة مثل قول قيس بن الحطيم أتعرف رسما كالطراز المذهب * لعمرة وحشا غير موقف راكب ديار التي كادت ونحن على مني * تحل بنا لولا نجاء الركائب معناه قاربت أن تحل بنا وان لم تحلل في الحقيقة.. وقوله - غير موقف راكب - فيه وجهان أحدهما انه ليس بموضع يقف فيه راكب لخلوه من الناس ووحشته والآخر أن يكون انه أراد وحش إلا أن راكبا وقف به يعني نفسه.. وقال نصيب وقد كدت يوم الحزن لما ترنمت * هتوف الضحى محزونة بالترنم أموت لمبكاها أسى إن لوعتي * ووجدي بسعدى شجوه غير منجم معنى - المنجم - المقلع.. وقال ذو الرمة
(١٠)