بنو إسرائيل، فلو قد استكملتم نهلا (1) وامتلأتم عللا (2) من سلطان الشجرة الملعونة في القرآن، لقد اجتمعتم على ناعق ضلال ولأجبتم الباطل ركضا، ثم لغادرتم داعي الحق، قطعتم الأدنى من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء حرب. ألا ولو ذاب ما في أيديهم، لقد دنا التمحيص للجزاء، وكشف الغطاء، وانقضت المدة، وأزف الوعيد (3)، وبدا لكم النجم من قبل المشرق، وأشرق لكم قمركم كملء شهره وكليلة تمه، فإذا استتم ذلك فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة (4) واعلموا أنكم إن أطعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتداويتم من الصمم، واستشفيتم من البكم، وكفيتم مؤونة التعسف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق، فلا يبعد الله إلا من أبى الرحمة وفارق العصمة، وسيعلم الذين ظلموا أي مقلب ينقلبون " (5).
وروى مسعدة بن صدقة - أيضا - عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: " خطب أمير المؤمنين عليه السلام بالمدينة فقال بعد حمد الله والثناء عليه: " أما بعد: فإن الله لم يقصم جباري دهر قط إلا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر كسر عظم أحد من الأمم إلا من بعد أزل (6) وبلاء.