أجير بين الناس ففعلت. فقالوا له: فهل أجار ذلك محمد؟ قال:
لا. قالوا: ويلك والله ما زاد الرجل على أن لعب بك، فما يغني عنك؟ قال أبو سفيان: لا والله ما وجدت غير ذلك.
وكان الذي فعله أمير المؤمنين عليه السلام بأبي سفيان من أصوب رأي لتمام أمر المسلمين وأصح تدبير، وبه تم للنبي صلى الله عليه وآله في اليوم ما تم.
ألا ترى أنه عليه السلام صدق أبا سفيان عن الحال، ثم لان له بعض اللين حتى خرج عن المدينة وهو يظن أنه على شئ، فانقطع بخروجه على تلك الحال مواد كيده التي كان يتشعب بها الأمر على النبي صلى الله عليه وآله. وذلك أنه لو خرج آئسا حسب ما أيأسه الرجلان، لتجدد للقوم من الرأي في حربه عليه السلام والتحرز منه ما لم يخطر لهم ببال، مع مجئ أبي سفيان إليهم بما جاء، أو كان يقيم بالمدينة على التمحل لتمام مراده بالاستشفاع إلى النبي صلى الله عليه وآله فيتجدد بذلك أمر يصد النبي صلى الله عليه وآله عن قصد قريش، أو يثبطه عنهم تثبيطا يفوته معه المراد، فكان التوفيق من الله تعالى مقارنا لرأي أمير المؤمنين عليه السلام فيما رآه من تدبير الأمر مع أبي سفيان، حتى انتظم بذلك للنبي صلى الله عليه وآله من فتح مكة ما أراد فصل ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله سعد بن عبادة بدخول