فصل ومن كلامه عليه السلام في مقام آخر " أيها الناس، إني استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، شهود كالغيب، أتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها، وأعظكم بالموعظة (1) البالغة فتتفرقون عنها، كأنكم حمر مستنفرة فرت من قسورة، وأحثكم على جهاد أهل الجور فما أتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ، ترجعون إلى مجالسكم تتربعون حلقا، تضربون الأمثال، وتناشدون (2) الأشعار، وتجسسون الأخبار، حتى إذا تفرقتم تسألون عن الأسعار، جهلة (3) من غير لم، وغفلة من غير ورع، وتتبعا (4) في غير خوف، نسيتم الحرب والاستعداد لها، فأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها، شغلتموها بالأعاليل والأباطيل. فالعجب كل العجب وما لي لا أعجب من اجتماع قوم على باطلهم، وتخاذلكم عن حقكم!.
يا أهل الكوفة، أنتم كأم مجالد، حملت فأملصت، فمات قيمها، وطال تأيمها، وورثها أبعدها.
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إن من ورائكم للأعور