أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، فللآخرة خلقتم وفي الدنيا حبستم، إن المرء إذا هلك قالت الملائكة: ما قدم؟ وقال الناس: ما خلف؟ فلله آباؤكم (1)، قدموا بعضا يكن لكم، ولا تخلفوا كلا فيكون عليكم، فإنما مثل الدنيا مثل السم، يأكله من لا يعرفه " (2).
ومن ذلك قولة عليه السلام: " لا حياة إلا بالدين، ولا موت إلا بجحود اليقين، فاشربوا العذب الفرات ينبهكم من نومة السبات، وإياكم والسمائم المهلكات ".
ومن ذلك قوله عليه السلام: " الدنيا دار صدق لمن عرفها، ومضمار الخلاص لمن تزود منها، ير مهبط وحي الله، ومتجر أوليائه، اتجروا فربحوا الجنة ".
ومن ذلك كلامه عليه السلام لرجل سمعه يذم الدنيا من غير معرفة بما يجب أن يقول في معناها: " الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، مسجد أنبياء الله، ومهبط وحيه، وفصل ملائكته، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة. فمن ذا يذمها، وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها، فشوقت بسرورها إلى السرور، وببلائها إلى البلاء، تخويفا وتحذيرا وترغيبا