فيها أحد من المهاجرين الأولين ولا الأنصار، ولا أحد من أهل الاسلام، وليس لغيره عدل لها من الفضل ولا مقارب على حال، وفي الخبر بها ما يفيد أن به عليه السلام تمكن النبي صلى الله عليه وآله في تبليغ الرسالة، وإظهار الدعوة، والصدع بالاسلام، ولولاه لم تثبت الملة، ولا استقرت الشريعة، ولا ظهرت الدعوة. فهو عليه السلام ناصر الاسلام، ووزير الداعي إليه من قبل الله - عز وجل - وبضمانه لنبي الهدى عليه السلام النصرة تم له في النبوة ما أراد، وفي ذلك من الفضل ما لا توازنه (1) الجبال فضلا، ولا تعادله الفضائل حلما محلا وقدرا.
فصل ومن ذلك أن النبي عليه السلام أمر بالهجرة - عند اجتماع الملأ من قريش على قتله، فلم يتمكن عليه السلام من مظاهرتهم - بالخروج من (2) مكة، وأراد الاستسرار بذلك وتعمية خبره عنهم، ليتم له الخروج على السلامة منهم، ألقى خبره إلى أمير المؤمنين عليه السلام واستكتمه إياه، وكلفه الدفاع عنه بالمبيت على فراشه من حيث لا يعلمون أنه هو البائت على الفراش، ويظنون أنه النبي صلى الله عليه وآله بائتا (3) على حاله التي كان يكون عليها فيما سلف من الليالي.