فيه والمرعى، فنزل صلى الله عليه وآله في الموضع ونزل المسلمون معه.
وكان سبب نزوله في هذا المكان نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين عليه السلام خليفة في الأمة من بعده، وقد كان تقدم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له فأخره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم عليه، وعلم الله سبحانه أنه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلادهم وأماكنهم وبواديهم، فأراد الله تعالى أن يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين عليه السلام تأكيدا للحجة عليهم فيه. فأنزل جلت عظمته عليه: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) (1) يعني في استخلاف علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام والنص بالإمامة عليه (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (2) فأكد به الفرض عليه بذلك، وخوفه من تأخير الأمر فيه، وضمن له العصمة ومنع الناس منه.
فنزل رسول الله صلى عليه وآله المكان الذي ذكرناه، لما وصفناه من الأمر له بذلك وشرحناه، ونزل المسلمون حوله، وكان يوما قائظا شديد الحر، فأمر عليه السلام بدوحات هناك فقم ما تحتها، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان، ووضع بعضها على بعض، ثم أمر مناديه فنادى في الناس بالصلاة. فاجتمعوا من رحالهم إليه، وإن أكثرهم ليلف رداءه على قدميه من شدة الرمضاء. فلما اجتمعوا صعد عليه وآله السلام على تلك الرحال حتى صار في ذروتها، ودعا أمير المؤمنين عليه السلام فرقى معه حتى قام عن يمينه،