واختصاصه من ذلك بما لم يكن لغيره من الناس، وبان من مودة رسول الله صلى الله عليه وآله وتفضيله إياه ما كان خفيا على من لا علم له بذلك، وكان من تحذيره بريدة وغيره من بغضه وعداوته وحثه له على مودته وولايته ورد كيد أعدائه في نحورهم، ما دل على أنه أفضل البرية عند الله تعالى وعنده وأحقهم بمقامه (1) من بعده، وأخصهم به في نفسه، وآثرهم عنده.
ثم كانت غزاة السلسلة، وذلك أن أعرابيا جاء إلى النبي عليه وآله السلام فجثا بين يديه وقال له: جئتك لأنصح لك.
قال: " وما نصيحتك؟ " قال: قوم من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل، وعملوا على أن يبيتوك بالمدينة. ووصفهم له.
فأمر النبي صلى الله عليه وآله أن ينادى بالصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
" أيها الناس، إن هذا عدو الله وعدوكم قد عمل على تبييتكم، فمن لهم؟ " فقام جماعة من أهل الصفة، فقالوا: نحن نخرج إليهم - يا رسول الله - فول علينا من شئت. فاقرع بينهم، فخرجت القرعة على ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم، فاستدعى أبا بكر فقال له. " خذ الراية (2)