وثواب الجنان، فلم يجبه أحد منهم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فنحله بذلك تحقيق الأخوة والوزارة والوصية والوراثة والخلافة، وأوجب له به الجنة.
وذلك في حديث الدار، الذي أجمع على صحته نفاذ الآثار، حين جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب في دار أبي طالب، وهم أربعون رجلا - يومئذ - يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا - فيما ذكره الرواة - وأمر أن يصنع لهم فخذ شاة مع مد من البر، ويعد لهم صاع من اللبن، وقد كان الرجل منهم معروفا بأكل الجذعة في مقام (١) واحد، ويشرب الفرق (٢) من الشراب في ذلك المقام، وأراد عليه السلام بإعداد قليل الطعام والشراب لجماعتهم إظهار الآية لهم في شبعهم وريهم مما كان لا يشبع الواحد منهم ولا يرويه.
ثم أمر بتقديمه لهم، فأكلت الجماعة كلها من ذلك اليسير حتى تملؤوا منه، فلم يبن ما أكلوه منه وشربوه فيه، فبهرهم بذلك، وبين لهم آية نبوته، وعلامة صدقه ببرهان الله تعالى فيه.
ثم قال لهم بعد أن شبعوا من الطعام ورووا من الشراب: " يا بني عبد المطلب، إن الله بعثني إلى الخلق كافة، وبعثني إليكم خاصة، فقال عز وجل: ﴿وانذر عشيرتك الأقربين﴾ (3) وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان، تملكون بهما العرب والعجم،