ففتح رسول الله صلى الله عليه وآله عينيه وقال بصوت ضئيل:
(يا بنية، هذا قول عمك أبي طالب، لا تقوليه، ولكن قولي: ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم﴾ (1)) فبكت طويلا فأومأ إليها بالدنو منه، فدنت فأسر إليها شيئا تهلل له وجهها.
ثم قضى عليه السلام ويد أمير المؤمنين عليه السلام اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه عليه السلام فيها، فرفعها إلى وجهه فمسحه بها، ثم وجهه وغمضه ومد عليه إزاره واشتغل بالنظر في أمره.
فجاءت الرواية: أنه قيل لفاطمة عليها السلام: ما الذي أسر إليك رسول الله صلى الله عليه وآله فسري عنك ما كنت عليه من الحزن والقلق بوفاته؟ قالت: (إنه خبرني أنني أول أهل بيته لحوقا به، وأنه لن تطول المدة بي بعده حتى أدركه، فسري ذلك عني) (2).
ولما أراد أمير المؤمنين عليه السلام غسله صلوات الله عليه استدعى الفضل بن عباس، فأمره أن يناوله الماء لغسله - بعد أن عصب عينيه - ثم شق قميصه من قبل جيبه حتى بلغ به إلى سرته، وتولى عليه السلام غسله وتحنيطه وتكفينه، والفضل يعاطيه الماء ويعينه عليه، فلما فرغ من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده لم