ما أعز الله نصر من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، ولا قرت عين من آواكم، كلامكم يوهي (1) الصم، الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم علوكم المرتاب. يا ويحكم، أي دار بعد داركم تمنعون! ومع أي إمام بعدي تقاتلون! المغرور - والله - من غررتموه، من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب، أصبحت لا أطمع في نصركم، ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم، وأعقبكم من هو شر لكم مني.
إمامكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وإمام أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه، والله لوددت أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني واحدا منهم. والله لوددت أني لم أعرفكم ولم تعرفوني، فإنها معرفة جرت ندما. لقد وريتم صدري غيظا، وأفسدتم علي أمري بالخذلان والعصيان، حتى لقد قالت قريش: إن عليا رجل شجاع لكن لا علم له بالحروب، لله درهم (2)، هل كان فيهم أحد أطول لها مراسا مني! وأشد لها مقاساة!
لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، ثم ها أنا ذا قد ذرفت (3) على الستين، لكن لا أمر لمن لا يطاع. أم والله، لوددت أن ربي قد أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه، وإن المنية لترصدني فما يمنع أشقاها أن يخضبها - وترك يده على رأسه ولحيته - عهد (4) عهده إلي النبي الأمي