ثم خطب للناس فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة، ونعى إلى الأمة نفسه، فقال عليه وآله السلام: (إني قد دعيت ويوشك أن أجيب، وقد حان مني خفوف (1) من بين أظهركم، وإني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا (2): كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
ثم نادى بأعلى صوته: (3) (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟) فقالوا:
اللهم بلى، فقال لهم على النسق، وقد أخذ بضبعي (4) أمير المؤمنين عليه السلام فرفعهما حتى رئي بياض إبطيهما وقال: (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله).
ثم نزل صلى الله عليه وآله - وكان وقت الظهيرة - فصلى ركعتين، ثم زالت الشمس فأذن مؤذنه لصلاة الفرض فصلى بهم الظهر، وجلس صلى الله عليه وآله في خيمته، وأمر عليا أن يجلس في خيمة له بإزائه، ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا فيهنؤوه بالمقام، ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعل الناس ذلك كلهم، ثم أمر أزواجه وجميع نساء المؤمنين معه أن يدخلن عليه، ويسلمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن.