ولما نزل بذي قار (1) أخذ البيعة على من حضره، ثم تكلم فأكثر من الحمد لله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال. (قد جرت أمور صبرنا فيها - وفي أعيننا القذى - تسليما لأمر الله تعالى فيما امتحننا به رجاء الثواب على ذلك، وكان الصبر عليها أمثل من أن يتفرق المسلمون وتسفك دماؤهم. نحن أهل بيت النبوة، وأحق الخلق بسلطان الرسالة، ومعدن الكرامة التي ابتدأ الله بها هذه الأمة. وهذا طلحة والزبير ليسا من أهل النبوة، ولا من ذرية الرسول، حين رأيا أن الله قد رد علينا حقنا بعد أعصر، فلم يصبرا حولا واحدا ولا شهرا كاملا حتى وثبا على دأب الماضين قبلهما، ليذهبا بحقي ويفرقا جماعة المسلمين عني) ثم دعا عليهما.
فصل وقد روى عبد الحميد بن عمران العجلي، عن سلمة بن كهيل قال: لما التقى أهل الكوفة وأمير المؤمنين عليه السلام بذي قار، رحبوا به وقالوا: الحمد لله الذي خصنا بجوارك وأكرمنا بنصرتك.
فقام أمير المؤمنين عليه السلام فيهم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
(يا أهل الكوفة، إنكم من أكرم المسلمين، وأقصدهم تقويما، وأعدلهم سنة، وأفضلهم سهما في الإسلام، وأجودهم في العرب