وأعرض عنه بوجهه، فقام أبو بكر وقال: لو كان له إلي حاجة لأفضى بها إلي. فلما خرج أعاد رسول الله صلى الله عليه وآله القول ثانية وقال:
(ادعوا لي أخي وصاحبي) فقالت حفصة: ادعوا له عمر، فدعي فلما حضر رآه النبي عليه السلام فأعرض عنه فانصرف.
ثم قال: عليه السلام: (ادعوا لي أخي وصاحبي) فقالت أم سلمة رضي الله عنها: ادعوا له عليا فإنه لا يريد غيره، فدعي أمير المؤمنين عليه السلام فلما دنا منه أومأ إليه فأكب عليه فناجاه رسول الله صلى الله عليه وآله طويلا، ثم قام فجلس ناحية حتى أغفى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له الناس: ما الذي أوعز إليك يا أبا الحسن؟ فقال:
(علمني ألف باب، فتح لي كل باب ألف باب، ووصاني بما أنا قائم به إن شاء الله).
ثم ثقل عليه السلام وحضره الموت وأمير المؤمنين عليه السلام حاضر عنده. فلما قرب خروج نفسه قال له: (ضع رأسي يا علي في حجرك، فقد جاء أمر الله عز وجل فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك، ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل علي أول الناس، ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي، واستعن بالله تعالى) فأخذ علي عليه السلام رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه، فأكبت فاطمة عليها السلام تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول:
(وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال (1) اليتامى عصمة للأرامل)