فصل ومن ذلك ما رواه أهل السيرة، واشتهر الخبر به عند (1) العامة والخاصة، حتى نظمته (2) الشعراء، وخطبت (3) به البلغاء، ورواه الفقهاء والعلماء، من حديث الراهب بأرض كربلاء والصخرة، وشهرته تغني عن تكلف إيراد الاسناد له. وذلك أن الجماعة روت: أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لما توجه إلى صفين، لحق أصحابه عطش.
شديد ونفد ما كان معهم من الماء، فأخذوا يمينا وشمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثرا، فعدل بهم أمير المؤمنين عن الجادة وسار قليلا فلاح لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه، حتى إذا صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم فنادوه فاطلع، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: " هل قرب قائمك هذا ماء يتغوث به هؤلاء القوم؟ " فقال: هيهات، بيني وبين الماء أكثر من فرسخين، وما بالقرب مني شئ من الماء، ولولا أنني أوتى بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشا.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: " أسمعتم ما قال الراهب؟ " قالوا: نعم، أفتأمرنا بالمسير إلى حيث أومأ إليه لعلنا ندرك الماء وبنا