معسكره، حتى لا يبقى في المدينة عند وفاته صلى الله عليه وآله من يختلف في الرئاسة، ويطمع في التقدم على الناس بالإمارة، ويستتب الأمر لمن استخلفه من بعده، ولا ينازعه في حقه منازع، فعقد له الإمرة على من ذكرناه.
وجد عليه وآله السلام في إخراجهم، فأمر أسامة بالبروز (1) عن المدينة بمعسكره إلى الخرف (2)، وحث الناس لم على الخروج إليه والمسير معه، وحذرهم من التلوم والإبطاء عنه.
فبينا هو في ذلك إذ عرضت له الشكاة التي توفي فيها، فلما أحس بالمرض الذي عراه أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام واتبعه جماعة من الناس وتوجه إلى البقيع، فقال لمن تبعه: (إنني قد أمرت بالاستغفار لأهل البقيع) فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم فقال عليه السلام: (السلام عليكم يا أهل القبور، ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها) ثم استغفر لأهل البقيع طويلا، وأقبل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: (إن جبرئيل عليه السلام كان يعرض علي القرآن كل سنة مرة، وقد عرضه علي العام مرتين، ولا أراه إلا لحضور أجلي).
ثم قال: (يا علي، إني خيرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنة، فاخترت لقاء ربي والجنة، فإذا أنا مت فاغسلني واستر عورتي،