عقبة ولا تنزل منزلا إلا إلى معصية، حتى تورد نفسها ومن معها موردا، يقتل ثلثهم ويهرب ثلثهم ويرجع ثلثهم. والله إن طلحة والزبير ليعلمان أنهما مخطئان وما يجهلان، ولربما (1) عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه. والله لينبحنها كلاب الحوأب، فهل يعتبر معتبر أو يتفكر متفكر! ثم قال: قد قامت الفئة الباغية فأين المحسنون؟) (2).
فصل ولما توجه أمير المؤمنين عليه السلام إلى البصرة، نزل الربذة (3) فلقيه بها آخر الحاج، فاجتمعوا ليسمعوا من كلامه وهو في خبائه.
قال ابن عباس - رحمة الله عليه - فأتيته فوجدته يخصف نعلا، فقلت له: نحن إلى أن تصلح أمرنا أحوج منا إلى ما تصنع، فلم يكلمني حتى فرغ من نعله ثم ضمها إلى صاحبتها ثم قال لي: (قومها) فقلت:
ليس لها قيمة، قال: (على ذاك) قلت: كسر درهم، قال: (والله لهما أحب إلي من أمركم هذا، إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا) قلت: إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا من كلامك، فتأذن لي أن أتكلم، فإن كان حسنا كان منك، وإن كان غير ذلك كان مني، قال: (لا، أنا أتكلم) ثم