بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليقين يدعوهم إلى الاسلام، وأنفذ معه جماعة من المسلمين فيهم البراء بن عازب - رحمه الله - فأقام خالد على القوم ستة أشهر يدعوهم، فلم يجبه أحد منهم، فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأمره أن يقفل (1) خالدا ومن معه. وقال له: " إن أراد أحد ممن مع خالد أن يعقب معك فاتركه ".
قال البراء: فكنت فيمن عقب معه، فلما انتهينا إلى أوائل أهل اليمن، بلغ القوم الخبر فتجمعوا له، فصلى بنا علي بن أبي طالب عليه السلام الفجر ثم تقدم بين أيدينا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ على القوم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلمت هدان كلها في يوم واحد، (وكتب بذلك أمير المؤمنين عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله) (2) فلما قرأ كتابه استبشر وابتهج، وخر ساجدا شكرا لله عز وجل تم رفع رأسه فجلس وقال: " السلام على همدان السلام على همدان " وتتابع بعد إسلام همدان أهل اليمن على الاسلام (3).
وهذه أيضا منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام ليس لأحد من الصحابة مثلها ولا مقاربها، وذلك أنه لما وقف الأمر فيما بعث له خالد وخيف الفساد به، لم يوجد من يتلافى ذلك سوى أمير المؤمنين عليه السلام فندب له فقام به أحسن قيام، وجرى على عادة الله عنده في التوفيق لما