الأنبار على أهلها ليلا في أربعة آلاف، فأغار عليهم كما يغار على الروم والخزر، فقتل بها عاملي ابن حسان وقتل معه رجالا صالحين ذوي فضل وعبادة ونجدة، بوأ الله لهم جنات النعيم، وإنه أباحها، ولقد بلغني أن العصبة من أهل الشام كانوا يدخلون على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة، فيه تكون سترها، ويأخذون القناع من رأسها، والخرص (1) من أذنها، والأوضاح (2) من يديها ورجليها وعضديها، والخلخال والمئزر من سوقها، فما تمتنع إلا بالاسترجاع والنداء:
يا للمسلمين، فلا يغيثها مغيث، ولا ينصرها ناصر. فلو أن مؤمنا مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما (3)، بل كان عندي بارا محسنا.
واعجبا كل العجب، من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم! قد صرتم غرضا يرمى ولا ترمون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون، تربت (4) أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها، كلما اجتمعت من جانب تفرقت من جانب " (5).