وقد خاب من افترى، ونجا من اتقى وصدق بالحسنى.
يا أهل الكوفة، دعوتكم إلى جهاد هؤلاء ليلا ونهارا وسرا وإعلانا، وقلت لكم اغزوهم، فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم، وثقل عليكم قولي، واستصعب عليكم أمري، واتخذتموه وراءكم ظهريا، حتى شنت عليكم الغارات، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تمسيكم وتصبحكم، كما فعل باهل المثلات من قبلكم، حيث أخبر الله تعالى عن الجبابرة والعتاة الطغاة، والمستضعفين (1) الغواة، في قوله تعالى (يذبحون أبناءكم ، يستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم " (2) أم والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد حل بكم الذي توعدون.
عاتبتكم - يا أهل الكوفة - بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم، وأدبتكم بالدرة فلم تستقيموا، وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعووا (3)، ولقد علمت أن الذي يصلحكم هو السيف، وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي، ولكن سيسلط عليكم من بعدي سلطان صعب، لا يوقر كبيركم، ولا يرحم صغيركم، ولا يكرم عالمكم، ولا يقسم الفئ بالسوية بينكم، وليضربنكم ويذلنكم ويجمرنكم (4) في المغازي ويقطعن سبيلكم، وليحجبنكم على بابه،