هؤلاء أفضل وأشرف من جملة في أولئك، لأن في هؤلاء من هو أعلم وأشرف وأكثر جهادا في سبيل الله، وأصبر وأعظم نفعا للبشر علميا وأدبيا وأخلاقيا واجتماعيا، فلا يبقى ما يقف عثرة في سبيل التفضيل سوى ميزة النبوة، وقد قررت في محله أن الخلافة لأفضل الأنبياء قد يعتبر أعظم درجة من بعض الأنبياء، وبعبارة أخرى لم يثبت أن الخلافة الإلهية عن أعظم أنبياء أقل درجة من كل نبي، ولدينا مثال محسوس وهو قياس ملك صغير من الشرف إلى ملك كبير، مثل ملك بريطانيا ثم قياسه إلى وزير المستعمرات، فإن وزير الملك العظيم يقتبس من عظمة ملكه فضلا وعظمة لا يدانيه فضل الملك الصغير ولا عظمته. وإن أبيت إلا أن يقام لك شاهد من آثار الشريعة القدسية فالحديث المروي عن رسول الله (ص): (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل)، وفي أكثر الروايات (أفضل من أنبياء بني إسرائيل)، فإن أخذنا العموم من علماء الأمة فأهل بيت النبي المصطفى - أولى بالقصد وإلا فهم القدر المتيقن، مضافا إلى ما ورد في علي - عليه السلام - من أنه أخو النبي ونفسه، وأنه خير الناس من بعده، وزوجته خير النساء، ونسلهما خير نسل، و (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) فيعم كل نبي مات في شبابه (وكل أهل الجنة شباب) و (علي مني وأنا من علي) و (حسين مني وأنا من حسين) وما يدريك أن لو كانت النبوة باقية مستمرة لكانت النبوة في هؤلاء متسلسلة فما قصروا عنها إلا لمانع في الحكمة الإلهية العامة لا لقصور في استعداد هؤلاء خاصة، والله أعلم بحقائق الأمور. وراجع (متشابه القرآن) 1 للشيخ الجليل المحبوب محمد بن شهرآشوب. وانظر رسالة (أصل الشيعة وأصولها) 2 للعلامة الشهير آل كاشف الغطاء مد ظله، أيضا. چ.
(١٧٨)