يعلمه الحكم في ذلك، وقد ثبت أن أمور الخلق قد يتعلق أكثرها بالكتابة فتثبت بها الحقوق وتبرئ بها الذمم وتقوم بها البينات وتحفظ بها الديون وتحاط بها الأنساب، وأنها فضل تشرف المتحلي به على العاطل منه، وإذا صح أن الله - جل اسمه - قد جعل نبيه بحيث وصفناه من الحكم والفضل ثبت أنه كان عالما بالكتابة محسنا لها.
وشئ آخر وهو أن النبي لو كان لا يحسن الكتابة ولا يعرفها لكان محتاجا في فهم ما تضمنته الكتب من العقود وغير ذلك إلى بعض رعيته، ولو جاز (1) أن يحوجه الله في بعض ما كلفه الحكم فيه إلى بعض رعيته لجاز أن يحوجه في جميع ما كلفه الحكم فيه إلى سواه وذلك مناف لصفاته ومضاد لحكمة باعثه، فثبت أنه (ص) كان يحسن الكتابة.
وشئ آخر وهو قول الله سبحانه: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن (2) كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، ومحال أن يعلمهم الكتاب وهو لا يحسنه كما (3) يستحيل أن يعلمهم الحكمة وهو لا يعرفها، ولا معنى لقول من قال: (إن الكتاب هو القرآن خاصة) إذ اللفظ عام والعموم لا ينصرف عنه إلا بدليل، لا سيما على قول المعتزلة وأكثر أصحاب الحديث.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: (وما كنت تتلوا من قبله من كتاب و