وأبان به فضله، ودل الأمة عليه، فقام به مسمعا، وقد اعترض بسيفه المشركين، والمشركون يعلون عليه الأرض ما فيهم من يجسر أن يمد بصره فضلا عن منابذته حتى نبد العهد وصدق الوعد.
ثم تظاهر ذلك بسد الأبواب إلا بابه حتى أباحه الله تعالى من مسجده ما أباحه لرسوله، وأفرده بإخوته، حين آخى بينه وبين نفسه، وآخى بين أصحابه، [وألفهم على مراتبهم (1)]، فصار جهال الأمة يقرنون بين أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين أخي عمر بن الخطاب، لا بل لم يرضوا حتى فضلوه عليه، فيا عجبا ما أعمى قلوبهم وأقل معرفتهم بالتمييز! إذ القوم في طبقة أخرى، وهو مع رسول الله.
ثم أخبرهم (صلى الله عليه وآله): أنه ولي لمن والاه وعدو لمن عاداه، وإن الله ناصر أنصاره وخاذل أعدائه،] (2) ثم أعطاه الحكم (3) والعلم والصدق والزهد، لم يتخذ غير سبيل الله سبيلا، ولا غير دليله دليلا، ولم تكن تأخذه في الله لومة لائم، ولم يقارف إثما، ولم يشارك في مظلمة ظالما، فهدى الله به من هداه، وهدى به من قصد لا يرضى سخط الله، ولا يجانب الهدى، ولا يحمل الأمور إلا على التقي، وقد طهره الله على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بإذهاب الرجس عنه وعن ذريته، واختصه بأن جعل عقب نبيه ولده، فعترة رسول الله وديعته التي ضيعوها، قد خصه الله من