عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال:
جلس ناس في خلافة عمر، فتذاكروا أبا بكر، وذكروا عمر في حديث طويل، قال: ثم خطب عمر فقال: أيها الناس إن خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبو بكر، فمن قال غير هذا: فهو مفتر عليه ما على المفتري (1). فاقتدت العامة به وطرحوا أخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) طاعة منهم لعمر.
ثم نذكر فضله رجوعا إليه ثم هو أقرب الناس قربا وأمسهم رحما برسول الله، قد خصه الله بنبيه إذ جعله في حجره لما عرف من عواقب أمره، فأسلم والناس كفار، وأبصر والناس فجار، وصلى للرحمن وهم يعبدون الأصنام، ووقى بنفسه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير نأكل، فسبق السابقين، وكان أول المسلمين، وأفضل الناصرين، فقصم الله به كل جبار عنيد، وكل ذي بأس شديد في مواطن الكرب، وأعز به الدين، و كشف به الأهوال، إذ كان عدة الاقران عند النزال، وقاتل الابطال عند الصيال وشرف الاسلام يوم القتال، أفعاله يوم بدر مشهورة، ويوم أحد معروفة ويوم الأحزاب معلومة، ويوم عمرو بن عبد ود حيث (2) نادى البراز معلنة، والناس مطرقون [رؤسهم]، فأسال الله على يده مهجته، ولقي به موته، وفرج عن المسلمين كربتهم.