وكيف جاز أن يقول بعد أن بويع له: البدار قبل البوار (1)، ألم يكن هذا القوم منه بعثا على تحضيض الناس على البيعة؟ وإنما أراد أن يعقد الامر قبل فراغ أهل البيت (2) فيجري الامر خلف مراده.
ومعنى آخر، لو كان هذا الامر كما ادعوا أن الصلاة توجب الفضل لقال: وليتكم لأني أفضلكم، وقد سمحت (3) أنفس قريش بطاعته والانقياد على ولايته، وأعطته المقادة، وصرفوا الامر عن جهته حسدا وبغيا، ولو كان هذا الامر يجري ما ذكروه من جهة التواضع، وأنه يمدح نفسه لكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى بذلك، وكان يقول: أرسلت إليكم ولست بخيركم، ولم يكن يقول: أنا سيد ولد آدم، وأنا - زين القيامة، وأنا أفصح العرب، ولا فخر (4).
ودلالة أخرى لو كان الامر على ما ذكروه، لما كانت عائشة تدفع عن أبيها الصلاة وتقول: إن أبي رجل رقيق لا يستطيع أن يقف موقف رسول الله.