وبما هو مطلوب له تعالى، ولا ريب في ثبوت الخشوع لهم وإلا لأشتغل بعض جوارحهم بما هو غير مطلوب منه تعالى هذا خلف والمطلوب هو العبادة بهذا الوصف.
(ويقين المتوكلين عليك) اليقين سبب للتوكل إذ التوكل وهو تفويض العبد اموره إلى الله تعالى والاعتماد فيها عليه متوقف على اليقين بأنه تعالى واحد لا شريك له ولا ضد له ولا ند له وأنه عالم بالأشياء كلها وأنه قادر على جميع المقدورات وأنه حكيم عادل لا يجور في حكمه أصلا وأن رسوله صادق وما جاء به الرسول حق، ومن حصل له اليقين بهذه الامور وإستنار قلبه به ولم يعارضه الوهم والجبن حصلت له حالة شريفة وهي في جميع اموره بالله سبحانه وتفويضها إليه وإنقطاعه عن غيره من الأسباب والوسائط وهذا معنى التوكل ثم إذا حصل له معنى التوكل كما هو حقه ورأى بالمعاينة امورا منتظمة على نحو ما أراده حصل له يقين آخر فوق الأول، والفرق بينهما كالفرق بين علم اليقين وعين اليقين، والوجه في توقف التوكل على اليقين بالامور المذكورة أنه; لولا اليقين بالأول يجوز أن يكون له مانع في تحصيل مقاصده فلا يكون مستقلا فيه; ولولا اليقين بالثاني يجوز أن يكون جاهلا ببعض مطالبه ولولا الثالث يجوز أن يكون عاجزا في تحصيل بعضها; ولولا الرابع يجوز أن يكون غير محكم في بعضها; وجائرا في بعضها، ولولا الخامس يجوز أن يكون ما جاء به الرسول من الحث على التوكل وغيره باطلا وعلى كل واحد من هذه التقادير لا يحصل له الوثوق فلا يحصل التوكل.
(وتوكل المؤمنين بك) المطلوب هو التوكل التام إذ المراد بالمؤمنين الكاملون في الإيمان والمتصفون بالإيقان ولا ريب أن توكلهم في حد الكمال أما غيرهم فلا توكل لهم أو هو ناقص.
(اللهم إنك بحاجتي عالم غير معلم) صفة للعالم أو خبر بعد خبر ومعلم مفعول من التعليم وكونه من الإعلام محتمل والغرض منه أن علمك بالحال كفاني عن السؤال أو الإشعار بثبوت الحاجة في نفس الأمر وتوقع رفعها بناء على أن العالم بحاجة أحد من جهة التعليم أو الإعلام قد يتوهم أو يظن كذبه فلا يبالغ في رفعها ولا يقبل عليه والظرف متعلق بما بعده وتقديمه ليس للحصر لفساده بل للاهتمام برفع الحاجة سريعا أو الإشعار بأنها لشدتها نصب عينه وظهر قلبه فلا يتبادر في الذهن إلا إليها.
(وأنت لها واسع غير متكلف) في القاموس الواسع ضد الضيق وفي الأسماء الحسنى الكثير العطاء الذي يعطي لما يسأل والمحيط بكل شيء الذي وسع رزقه جميع خلقه ورحمته كل شيء، والمتكلف المتجشم تكلفه إذا تجشمه. وفي النهاية الواسع في أسماه تعالى هو الذي وسع غناء كل فقير ورحمته كل شيء، والتكلف التجشم يقول تكلف: الشيء إذا تجشمه على مشقة، وفي