باب في ظلمة قلب المنافق وإن أعطى اللسان ونور قلب المؤمن وإن قصر به لسانه * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمرو عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال لنا ذات يوم: تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو خطيبا مصقعا ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم وتجد الرجل لا يستطيع يعبر عما في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كما يزهر المصباح».
* الشرح:
قوله: (قال: قال لنا ذات يوم) الذات بمعنى النفس أي قال لنا نفس يوم يعني قال لنا يوما من الأيام. (تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو) هذا مثل لمن يقدر على الكلام قدرة كاملة بحيث لا يفوته شيء من الوجوه المحسنة اللفظية. (خطيبا مصقعا) المصقع بكسر الميم وفتح القاف البليغ أو العالي الصوت أو من لا يضطرب في كلامه ولا يلتبس عليه وجوهه المعتبرة في تحسينه لفظا ومعنا ولا يتعتع.
(ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم) المراد بالقلب الروح الانساني وهو من عالم الامن نزل في هذا العالم بأمر ربه للتجارة والحراثة كما قيل: الدنيا مزرعة الآخرة وبذره الايمان وماؤه الحكمة وثمرته الاعمال والاخلاق والمقصود من جميع ذلك النعيم الأبدي وقرب الحق والمنافق لما كان فاقدا لجميع هذه الأمور التي هي أضواء عقلية وأنوار الهية لفقده البصيرة القلبية التي هي مبدأ المشاهدات والمكاشفات ومنشأ صفاء مرآة القلب واستضاءته بنور تلك الأنوار كان قلبه لا محالة مظلما لا يمكنه رؤية جمال المعارف وهذا بخلاف المؤمن العارف المطيع كما أشار بقوله:
(وتجد الرجل لا يستطيع يعبر عما في قلبه بلسانه) لقصور في لسانه ونقض في بيانه (وقلبه يزهر كما يزهر المصباح) باعتبار نور الايمان وأركانه وعقائده الحقة وأخلاقه الحسنة وأعماله الصالحة وتنزهه عما يوجب ظلمة القلب وغلبته على القوة الشهوية والغضبة المكدرة لصفاء مرآته وهذه الأمور توجب صفاء القلب ونورانيته ومشاهدة ما في عالم الغيب والشهادة وفيه دلالة واضحة على أن حسن الظاهر وطلاقة اللسان وفصاحة البيان بدون تنور القلب وصفاءه واستقامته لا عبرة بها وإنما العبرة بصفاء الباطن ونورانيته وإن لم يكن معه صفاء الظاهر والله الناظر الرقيب لا