باب دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة * الأصل:
1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن سهل، عن عبد الله بن جندب، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قل: «اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك ولا تشقني بنشطي لمعاصيك، وخر لي في قضائك، وبارك [لي] في قدرك حتى لا احب تأخير ما عجلت ولا تعجيل ما أخرت، واجعل غناي في نفسي ومتعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارثين مني وانصرني على من ظلمني وأرني فيه قدرتك يا رب وأقر بذلك عيني».
* الشرح:
قوله: (اللهم اجعلني أخشاك) طلب الخشية يستلزم طلب كمال العلوم والمعرفة كما قال تعالى شأنه: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ولذلك قال:
(كأني أراك) طلبا لتوفيق الوصول إلى مقام المشاهدة وهو مقام رفيع لا يبلغه إلا خاص الخواص كالأنبياء والأوصياء والأولياء وغيرهم ممن أخذت باعه العناية الأزلية وهذا المقام أن يبلغ العبد في أعماله وأفكاره بحيث يستغرق في بحار المكاشفة كأنه يرى الله سبحانه كما قال (صلى الله عليه وآله):
«جعلت قرة عيني في الصلاة» وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما عبدت إلها لم أره» حين سئل هل رأيت الله؟، وليس المراد بهذه الرؤية رؤية البصر بل المراد بها رؤية البصيرة التي لا تكشف عن حقيقتها العبارة وهناك مقامان آخران: أحدهما مقام المراقبة وهو أن يخشى الله كأن الله سبحانه يراه، والآخر وهو أدونهما بل لا نسبة بينه وبينهما أن لا يبلغ هذين المقامين ولكن ينطبق أفعاله وأقواله على قوانين الشرع وهو الموفق والمعين.
(وأسعدني بتقواك) وهي ترك كل ما يؤثم. (ولا تشقني بنشطي لمعاصيك) الشقاوة ضد السعادة أشقاه الله جعله شقيا وحكم بشقاوته، والنشط بالفتح والسكون طيب النفس لشيء والتذاذها نشط كسمع نشطا ونشاطا بالفتح فيما طابت نفسه للعمل وغيره والباء للسببية ولعل المقصود إزالة المسبب وهو الحكم بالشقاوة بإزالة سببه والتوفيق لها.
(وخر لي في قضائك) أي اجعل لي في قضائك للأشياء وحكمك عليها خيرا من خار الله لك في الأمر إذا جعل لك فيه الخير.
(وبارك لي في قدرك) بارك من البركة بمعنى الزيادة يعني زد لي في تقديرك للامور رزقا وغيره