ثم اكتسبت منه مالا فلم أنفق منه درهما في طاعة الله فعلمني دعاء يخلف علي ما مضى ويغفر لي ما عملت أو عملا أعمله، قال: قل، قال: وأي شيء أقول يا أمير المؤمنين؟ قال: قل كما أقول:
«يا نوري في كل ظلمة ويا انسي في كل وحشة ويا رجائي في كل كربة ويا ثقتي في كل شدة ويا دليلي في الضلالة أنت دليلي إذا انقطعت دلالة الأدلاء فإن دلالتك لا تنقطع ولا يضل من هديت أنعمت علي فأسبغت ورزقتني فوفرت وغذيتني فأحسنت غذائي وأعطيتني فأجزلت بلا استحقاق لذلك بفعل مني ولكن ابتداء منك لكرمك وجودك فتقويت بكرمك على معاصيك وتقويت برزقك على سخطك وأفنيت عمري فيما لا تحب فلم يمنعك جرأتي عليك وركوبي لما نهيتني عنه ودخولي فيما حرمت علي أن عدت علي بفضلك ولم يمنعني حلمك عني وعودك علي بفضلك وإن عدت في معاصيك فأنت العواد بالفضل وأنا العواد بالمعاصي، فيا أكرم من اقر له بذنب وأعز من خضع له بذل، لكرمك أقررت بذنبي ولعزك خضعت بذلي فما أنت صانع بي [في] كرمك وإقراري بذنبي وعزك وخضوعي بذلي افعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله».
تم كتاب الدعاء ويتلوه كتاب فضل القرآن.
* الشرح:
(ولم أنفق منه درهما في طاعة الله) أراد صرف كله في المعصية. (فعلمني دعاء يخلف علي ما مضى) أي يرد الله علي بسببه مثل ما مضى من الأموال يقال: أخلف الله عليه أي رد عليه مثل ما ذهب إلا أنه نسب الفعل إلى السبب مجازا ولو عاد ضمير يخلف إلى الله لزم خلو الجملة الوصفية عن ضمير الموصوف. (ويغفر لي ما عملت) من المعاصي فقد طلب دعاء يصير سببا للرد والمغفرة (أو عملا أعمله) عطف على دعاء وأراد به غيره من الأعمال الموجبة للمغفرة بل الرد أيضا. (قال: قل، قال: وأي شيء أقول؟) بدأ المخاطب إلى السؤال عن المقول إما لإظهار الشعف والسرور أو لأنه (عليه السلام) سكت عنه لبعض الامور.
(قال: قل كما أقول: يا نوري في كل ظلمة) أراد بالنور الهادي وبالظلمة الجهالة والعدول عن منهج الصواب على سبيل التشبيه ومن هدايته حصلت الندامة للسائل عما فعل حتى سأل ما سأل.
(ويا انسي في كل وحشة) في الكنز انس خو گرفتن وآرام گرفتن، ووحشت رميدن ودورى جستن، يعني سكوني إليك وإستقراري بين يديك في الوحشة من النفس الأمارة والشيطان وشرار الناس والفرار منهم.
(أنت دليلي إذا انقطعت دلالة الأدلاء) لعدمهم أو لعدم ظهورهم أو لعدم إمكان الوصول إليهم