باب أن الكفر مع التوبة لا يبطل العمل * الأصل:
1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب وغيره، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه، ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب بعد كفره كتب له وحوسب بكل شيء كان عمله في إيمانه ولا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره».
* الشرح:
قوله: (من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه، ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب بعد كفره كتب له وحوسب بكل شيء كان عمله في إيمانه ولا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره) الفتنة قد تكون من الشيطان وقد تكون من البشر وقد تكون من الله قال الله تعالى: (وفتناك فتونا) والمقصود من ذلك إظهار كمال المفتون إن صبر وإظهار خبثه إن لم يصبر والفتنة إذا اشتدت أفسدت القلوب وأورثتها القسوة والغفلة التي هي سبب الشقاء فلذلك ذكر الفتنة وفرع الكفر عليها، و «ثم» هنا للتراخي في الرتبة، وفي قوله: «إذا تاب بعد كفره» دلالة بحسب مفهوم الشرط، إن ثبت انه حجة، على أن الكفر الذي لم تعقبه التوبة يحبط الأعمال الصالحة ودل عليه أيضا قوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك) ثم الظاهر أن المراد بالإحباط وعدم ترتب الثواب في الآخرة; لأن الكافر إذا عمل خيرا جزاه الله عز وجل في الدنيا إن الله لا يضيع عمل عامل.
وإلحاق غير الكفر من المعاصي في الإحباط بعيد، بل لا يبعد القول بعدم الإحباط لقوله تعالى:
(وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) اللهم إلا إذا غلب المعاصي على الطاعة كما دل عليه قوله تعالى: (فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية) وعموم هذا الخبر أو إطلاقه دل على أن توبة المرتد مقبولة وإن كان فطريا وقد يخصص بالملى لروايات دلت على أن توبة الفطري غير مقبولة، والله أعلم.