السببية. (يامن ليست لعالم فوقه صفة) من الصفات مثل العلم والقدرة والإرادة وغيرها من الصفات الذاتية والفعلية والمقصود نفي أن يكون فوقه عالم إذ لو كان لكانت له صفة ضرورة أن الموجود لا يخلو منها وإذ ليست فليس لأن انتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم وبالجملة لما كان للعلم مراتب كان المتبادر في الوهم أن فوق كل ذي علم عليم أشار بما هو في الواقع ونفي أن يكون فوقه عالم بنفي لازمه وهو الصفة على وجه العموم.
(يامن ليس لمخلوق دونه منعة) في القاموس فلان في عز ومنعة محركة ويسكن أي معه من يمنعه من عشيرته وفي النهاية: ليست له منعة بفتح النون أي قوة تمنع من يريده بسوء، وفي الصحاح قيل: المنعة بالتحريك جمع مانع مثل كافر وكفرة، ودونه إما صفة لمخلوق للتوضيح دون التخصيص أو متعلق بمنعة والمعنى على الأول ليس لمخلوق هو دونه تعالى من يمنع الله أو قوة تمنعه إذا أراده بسوء، وعلى الثاني ليس له منعة دون الله ونصرته تمنع من يريده بسوء. (يا أولا قبل كل شيء) نون المنادي لأنه لم يقصد المعين من حيث هو معين وتوضيحه انه تعالى معلوم من جهة الوجود وآثاره وغير معلوم من جهة حقيقة ذاته وصفاته فقد يقصد من حيث أنه غير معلوم وينون كما فيما نحن فيه وقد يقصد من حيث أنه معلوم ويجري عليه حكم المفرد المعرفة فيقال:
يا أول ويا آخر وإنما قال: «قبل» بدلا عنه أو وصفا له لتصحيح الربط بما بعده وظهور محل لإعرابه وللتنبيه على أن أوليته حقيقة لا أول له «لا» إضافية.
(ويا آخر بعد كل شيء) أراد بالشيء غيره تعالى كما قيل في قوله تعالى: (والله على كل شيء قدير) وهذه العناية معتبرة في السابق أيضا وفي ذكر بعد إيماء إلى أنه تعالى كما هو آخر كل فرد من أفراد الأشياء كذلك هو بعد المجموع من حيث المجموع والأول يستلزم الثاني كما ترى في الجزء الأخير من المركب.
(يا من ليس له عنصر) أي علة فاعلية وأجزاء مادية وصورية، وفي النهاية العنصر بضم العين وفتح الصاد الأصل وقد تضم الصاد، والنون مع الفتح زائدة عند سيبويه لأنه ليس عنده فعلل بالفتح وفيه إشارة إلى أنه ليس لأوله ابتداء.
(ويا من ليس لآخره فناء) وفيه إشارة إلى أنه أبدي وفي السابق إلى أنه أزلي. (ويا أكمل منعوت) لكون نعته في نهاية الكمال بخلاف نعت غيره وفي النهاية النعت وصف الشيء بما هو فيه من حسن ولا يقال في القبيح إلا أن يتكلف متكلف فيقال: نعت سوء والوصف يقال في الحسن والقبيح. (ويا أسمح المعطين) كناية عن سرعة إجابته وحبه للسائل وسماع صوته وان كان خفيا وجزالة عطائه.